Site icon آخر بوست

صراع عنيف يقترب من أبواب أوروبا

لنبتعد قليلًا عن الضجة التي أثيرت حول زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، ولنتناول حادثة أخرى حدثت قبل أيام وكان بطلها جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي.

في مدينة ميونخ، وعلى منصة القاعة الكبرى في فندق بايرشه هوف، ألقى جي دي فانس، نائب الرئيس ترامب، خطابًا طويلًا وتصعيديًا. تحدث إلى الأوروبيين بنبرة متعالية، منتقدًا ديمقراطيتهم التي وصفها بأنها “تكمّم الأفواه وتواجه خطر الانهيار من الداخل”. قال فانس إن الناخبين في دولهم لم يمنحوكم تفويضًا لفتح أبواب الهجرة وإغراق القارة باللاجئين. وأكد أن أميركا ستسير في الاتجاه المعاكس تمامًا.

واستخدم فانس تعبيرًا من الثقافة الأميركية ليؤكد لهم أن سياسة الولايات المتحدة تجاه أوروبا تتجه نحو تغيير جذري لم يعتادوا عليه، قائلاً: “هناك شريفٌ جديد في المدينة”. يعود هذا التعبير إلى ما قبل القرن التاسع عشر، ويعني أن التغيير الجذري آتٍ للبلدة، مع التوقع بفرض نظام صارم في المستقبل.

تذكر الأغلب من الأميركيين هذا التعبير الشهير من فيلم “Blazing Saddles” (السروج المشتعلة)، الذي يصور وصول شريف جديد إلى بلدة سيئة السمعة ليعيد النظام والهيبة للسلطة.

وبعد خطاب فانس، تنفس الأوروبيون الصعداء حين أعرب وزير الدفاع الألماني عن استهجانه للخطاب، قائلاً إنه “غير مقبول”. وفي اليوم التالي، صعد المستشار أولاف شولتس إلى المنصة ليؤكد: “لن نقبل أن يتدخل الغرباء في ديمقراطيتنا أو في انتخاباتنا أو في تشكيل الرأي الديمقراطي”.

كانت ألمانيا هي أكثر الدول تأثرًا بخطاب فانس، حيث خصها بنقد حاد، وتسبب ذلك في ردود فعل غاضبة من الأحزاب الألمانية. على هامش المؤتمر، التقى فانس بزعماء الحزب اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا” بينما تجنب لقاء المستشار الألماني.

أكد “الشريف الأميركي” من واشنطن دعمه الكامل لما قاله نائب الرئيس في ميونخ، مما فاقم من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا. وفي الصحافة الألمانية، تم الحديث عن هذا الخطاب باعتباره بداية لصدع كبير، وهو ما أشارت إليه إذاعات البلاد التي تناولت الواقعة في برامجها.

وفي ألمانيا، حيث تواجه الديمقراطية تحديات من اليمين المتطرف، يظهر حزب “البديل من أجل ألمانيا” كقوة صاعدة، إذ يظهر في استطلاعات الرأي كأحد الأحزاب الرئيسية في البلاد. وبحسب دراسة من “بيو سنتر” لعام 2024، فإن 26% من الرجال الألمان أصبحوا يؤيدون هذا الحزب.

وليس فقط الأحزاب الوسطية الألمانية التي تواجه تحديات، بل حتى الكنيسة الألمانية أبدت استياءها من التقارب الأخير بين الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب البديل المتطرف، واعتبرت ذلك خطوة مقلقة نحو تكرار ماضي ألمانيا السياسي.

وفي المقابل، لا يبدو أن الخطاب الأميركي أو تأثيراته على السياسة الألمانية قد توقفا، بل كانت مؤشرات جديدة تظهر على أن سياسات اليمين المتطرف في أوروبا تزداد تأثيرًا، مدفوعةً من طرف ترامب وأتباعه.

Exit mobile version