أمراض الدم

نقص كريات الدم البيضاء

تُعتبر كريات الدم البيضاء أو الخلايا البيضاء جزءًا أساسيًا من الجهاز المناعي للجسم، حيث تلعب دورًا محوريًا في الدفاع عن الجسم ضد العدوى والجراثيم. يُسمى نقص كريات الدم البيضاء أو قلة الكريات البيضاء (Leukopenia) بالحالة التي يقل فيها عدد هذه الخلايا عن المعدل الطبيعي في الدم، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والعدوى.

قد يكون نقص كريات الدم البيضاء عرضًا لحالة طبية معينة أو نتيجة لعوامل أخرى تؤثر على تكوين الخلايا في نخاع العظم أو تتسبب في تدميرها. في هذا المقال، سنتناول أسباب نقص كريات الدم البيضاء، أعراضه، تشخيصه، وعلاجه.

ما هي كريات الدم البيضاء؟

تُعد كريات الدم البيضاء خلايا حيوية في الجهاز المناعي، وهي تعمل على محاربة العدوى والالتهابات داخل الجسم. هناك أنواع مختلفة من كريات الدم البيضاء، وهي تشمل:

  1. العدلات (Neutrophils): تعد الأكثر شيوعًا في الدم وتلعب دورًا كبيرًا في مكافحة العدوى البكتيرية.
  2. اللمفاويات (Lymphocytes): تشمل الخلايا التائية والخلايا البائية، وتساعد في مقاومة العدوى الفيروسية والأمراض الأخرى.
  3. الخلايا الوحيدة (Monocytes): تلعب دورًا في تدمير الخلايا الميتة والمواد المسببة للعدوى.
  4. الخلايا القاعدية (Basophils): تساعد في استجابة الجسم الالتهابية.
  5. الخلايا الحمضية (Eosinophils): تتدخل بشكل رئيسي في الدفاع ضد الطفيليات والأمراض التحسسية.

ما هو نقص كريات الدم البيضاء؟

عندما يقل عدد كريات الدم البيضاء عن المعدل الطبيعي في الدم، يُطلق على ذلك اسم “نقص كريات الدم البيضاء”. المعدل الطبيعي لعدد كريات الدم البيضاء يتراوح عادة بين 4,000 و 11,000 خلية لكل ميكرولتر من الدم. إذا انخفض العدد إلى ما دون 4,000 خلية، يمكن أن يصاب الشخص بنقص كريات الدم البيضاء، مما يعرضه لخطر أكبر للإصابة بالعدوى.

أسباب نقص كريات الدم البيضاء

يمكن أن يكون نقص كريات الدم البيضاء نتيجة لعدة أسباب، ومنها:

1. أمراض نخاع العظم

  • فشل نخاع العظم: عندما لا يعمل نخاع العظم بشكل صحيح، فإنه قد ينتج عددًا أقل من كريات الدم البيضاء. يمكن أن يكون هذا بسبب اضطرابات مثل فقر الدم اللاتنسجي أو سرطان الدم (اللوكيميا) أو اعتلالات نخاع العظم.
  • تدمير نخاع العظم: قد تتسبب بعض الأمراض المناعية أو الأورام في تدمير خلايا نخاع العظم.

2. الأدوية والعلاج الكيميائي

  • بعض الأدوية مثل العلاج الكيميائي أو الأدوية المثبطة للمناعة قد تؤدي إلى تدمير أو تثبيط إنتاج كريات الدم البيضاء في نخاع العظم.
  • أدوية أخرى قد تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء تشمل الأدوية المضادة للفطريات، الأدوية المضادة للبكتيريا، و الأدوية المضادة للفيروسات.

3. الأمراض الفيروسية

  • بعض الفيروسات، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، فيروس التهاب الكبد C، أو فيروسات الإنفلونزا، يمكن أن تؤثر سلبًا على عدد كريات الدم البيضاء، مما يسبب نقصها.

4. التعرض للإشعاع أو المواد السامة

  • التعرض للإشعاع (كما في علاج السرطان) أو المواد الكيميائية السامة يمكن أن يتسبب في تلف نخاع العظم، مما يؤدي إلى نقص إنتاج كريات الدم البيضاء.

5. الأمراض المناعية الذاتية

  • بعض الأمراض المناعية الذاتية مثل الذئبة الحمامية و الروماتويد قد تؤدي إلى تدمير كريات الدم البيضاء بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لها.

6. نقص الفيتامينات والمعادن

  • نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل فيتامين B12 و حمض الفوليك يمكن أن يؤدي إلى قلة إنتاج كريات الدم البيضاء. قد يتسبب نقص النحاس أو الزنك أيضًا في نقص خلايا الدم البيضاء.

7. التسمم أو الأمراض الوراثية

  • بعض الحالات الوراثية مثل متلازمة كوشينغ أو متلازمة نونان قد تؤدي إلى نقص كريات الدم البيضاء.

8. التهاب الأنسجة أو العدوى المزمنة

  • قد تؤدي بعض أنواع العدوى المزمنة مثل السل أو العدوى الفطرية إلى حدوث نقص مؤقت في كريات الدم البيضاء.

أعراض نقص كريات الدم البيضاء

قد تكون أعراض نقص كريات الدم البيضاء غير محددة أو غير ظاهرة بشكل واضح في المراحل المبكرة. ولكن مع انخفاض عدد كريات الدم البيضاء، تزداد احتمالية إصابة الشخص بالعدوى. تشمل الأعراض المحتملة:

  1. التعرض المتكرر للعدوى: يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية أو الفطرية.
  2. الحمى: ارتفاع درجة الحرارة بسبب العدوى.
  3. التعب والإرهاق: يشعر المريض بالتعب المستمر بسبب ضعف جهاز المناعة.
  4. التهاب الحلق أو تقرحات الفم: يمكن أن يتسبب نقص كريات الدم البيضاء في ظهور تقرحات أو التهابات في الفم أو الحلق.
  5. التعرق الليلي: زيادة التعرق أثناء الليل نتيجة للعدوى.

تشخيص نقص كريات الدم البيضاء

يتم تشخيص نقص كريات الدم البيضاء عن طريق إجراء فحص الدم الشامل (CBC)، الذي يقوم بقياس عدد كريات الدم البيضاء في عينة من الدم. إذا أظهر الفحص عددًا منخفضًا من كريات الدم البيضاء، قد يُطلب إجراء اختبارات إضافية لتحديد السبب الكامن وراء ذلك، مثل:

  1. اختبارات وظائف نخاع العظم: لتحديد ما إذا كان النخاع العظمي يقوم بإنتاج عدد كافٍ من كريات الدم البيضاء.
  2. اختبارات الفيروسات: مثل اختبارات HIV أو التهاب الكبد للكشف عن العدوى الفيروسية.
  3. فحوصات للأمراض المناعية الذاتية: لاختبار وجود أمراض مثل الذئبة الحمراء أو التهاب المفاصل الروماتويدي.
  4. التصوير الطبي: مثل الأشعة السينية أو فحص الأشعة المقطعية للكشف عن التهابات أو مشاكل في الأنسجة.

علاج نقص كريات الدم البيضاء

يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء نقص كريات الدم البيضاء. تشمل خيارات العلاج:

  1. علاج السبب الكامن: مثل معالجة العدوى أو معالجة الأمراض المناعية أو الوراثية.
  2. الأدوية المحفزة لإنتاج كريات الدم البيضاء: في بعض الحالات، يمكن استخدام أدوية مثل جرافلون (Granulocyte Colony-Stimulating Factor – G-CSF)، التي تحفز نخاع العظم على إنتاج المزيد من كريات الدم البيضاء.
  3. نقل الدم: في حالات النقص الشديد، قد يتطلب الأمر نقل كريات الدم البيضاء أو خلايا الدم البيضاء المصححة.
  4. مضادات حيوية أو مضادات الفيروسات: إذا كانت العدوى هي السبب في نقص كريات الدم البيضاء، قد يتم علاج الشخص بالمضادات الحيوية أو مضادات الفيروسات المناسبة.
  5. علاج كيميائي أو إشعاعي: في حالات نقص كريات الدم البيضاء بسبب العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، قد يتطلب الأمر تأجيل العلاج أو تعديل الجرعة.

الوقاية

  • التغذية السليمة: تناول طعام متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل فيتامين B12، حمض الفوليك، والزنك.
  • الراحة وتقوية جهاز المناعة: الحفاظ على نمط حياة صحي وتقوية جهاز المناعة عبر ممارسة الرياضة المعتدلة والتقليل من التوتر.
  • الوقاية من العدوى: تجنب الأماكن التي بها كثافة سكانية عالية أو الأماكن الموبوءة بالعدوى في حال كان الشخص يعاني من نقص في كريات الدم البيضاء.

نقص كريات الدم البيضاء هو حالة قد تتسبب في ضعف جهاز المناعة، مما يزيد من قابلية الجسم للإصابة بالعدوى. يمكن أن يكون نقص كريات الدم البيضاء نتيجة للعديد من الأسباب، بما في ذلك الأمراض المزمنة، الأدوية، التسمم، أو العوامل الوراثية. العلاج يعتمد بشكل أساسي على السبب الكامن وراء النقص، وقد يتضمن أدوية محفزة لإنتاج كريات الدم البيضاء، أو علاجًا لمسبب الحالة. في الحالات الشديدة، قد يتطلب الأمر علاجًا أكثر تخصصًا مثل نقل خلايا الدم البيضاء أو العلاج الكيميائي.

زر الذهاب إلى الأعلى