“3 أهداف رئيسية تسعى الصين لتحقيقها من خلال علاقاتها مع أفغانستان”

العلاقات الأفغانية الصينية: خطوات متسارعة نحو تعزيز التعاون
شهدت العلاقات بين أفغانستان والصين تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، حيث تتسارع الخطوات نحو تعزيز التعاون بين الجانبين، وذلك بسبب الحاجة المتبادلة بين البلدين. تسعى الصين لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من علاقاتها مع أفغانستان: الأهداف الاقتصادية، الأمنية، والاستراتيجية. بينما تأمل كابل في الاستفادة من الاستثمارات التي قد تضخها بكين في البلاد.
تتمثل أهداف الصين في ثلاثة جوانب رئيسية، كما يراها المحللون. أولاً، تسعى بكين للاستفادة من الموارد الطبيعية في أفغانستان. ثانيًا، تأمل في استغلال موقع البلاد الاستراتيجي ضمن إطار مشروع “الحزام والطريق” الذي تنفذه الصين. ثالثًا، تحاول بكين أن تحل محل الولايات المتحدة في أفغانستان، بالإضافة إلى رغبتها في مراقبة مقاتلي الإيغور الذين وصلوا إلى أفغانستان.
فيما يخص الموارد الطبيعية، يتوقع الخبراء أن الطلب العالمي على الليثيوم سيزداد بشكل كبير خلال العشرين عامًا القادمة، ما دفع الصين إلى إقامة علاقات واسعة مع حركة طالبان لاستغلال الموارد الطبيعية في أفغانستان، خصوصًا الليثيوم.
خطوات ملموسة في التعاون الاقتصادي:
في هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي سميع الله الكوزي أن هناك العديد من الخطوات العملية التي تم اتخاذها لتعزيز التعاون بين البلدين. من هذه الخطوات إطلاق خطوط القطارات المباشرة بين أفغانستان والصين، وتطوير الطرق السريعة بين كابل وإسلام آباد. كما تم استئناف استخراج النفط من نهر آمو، وعقد اجتماعات بين الوفود الصينية وقادة طالبان لإعادة تشغيل مشروع النحاس في ولاية لوغر، التي تحتوي على ثاني أكبر منجم للنحاس في العالم.
مخاوف أمنية ووجود مقاتلي الإيغور:
من جهة أخرى، يشير الخبراء الأمنيون إلى أن الصين لديها مخاوف من وجود مقاتلي الإيغور في أفغانستان، حيث تقدر أعدادهم بين 400 و700 مقاتل. ولكن، كما يوضح الخبير الأمني طاهر جلالي، تتعامل طالبان والصين مع هذا التهديد بشكل تكتيكي. في حين أن الصين تعبر عن قلقها حيال هذا الوجود، فإنها تستخدم هذه المخاوف كذريعة لتعزيز وجودها الأمني والاستخباراتي في أفغانستان.
العلاقات الثنائية بين أفغانستان والصين:
من جانب الحكومة الأفغانية، يشير المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إلى أن العلاقات بين كابل وبكين قوية للغاية، مع تبادل السفراء وزيادة التعاون التجاري بين البلدين. وقد أكدت الحكومة الأفغانية على التزامها بحماية الأراضي الصينية من أي تهديدات قد تنطلق من أفغانستان.
وتاريخيًا، بدأت العلاقات بين الصين وأفغانستان في الخمسينيات، ومرت بتطورات كبيرة منذ تسعينيات القرن العشرين. ففي عام 2000، كان السفير الصيني أول مسؤول أجنبي يلتقي مع مؤسس حركة طالبان، الملا محمد عمر، في قندهار.
الصين تسعى لملء الفراغ بعد انسحاب الولايات المتحدة:
مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، يعتقد المحللون أن الصين قد تستفيد من الفراغ الاستراتيجي الذي خلفه هذا الانسحاب، خاصة في ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا. كما أن إيران غير قادرة على أن تكون حليفًا دائمًا لطالبان بسبب الخلافات الأيديولوجية والنزاعات حول الموارد المائية. كذلك، تضررت علاقة طالبان مع باكستان بسبب وجود حركة طالبان الباكستانية، مما يمنح الصين فرصة استراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة.
دور الصين الاستراتيجي في المنطقة:
بحسب السفير الأفغاني السابق في الصين، سلطان بهين، تدرك الصين الأهمية الجيوستراتيجية لأفغانستان، كونها تربط بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى وشرق وغرب آسيا. لذا، فإن وصول الصين الكامل إلى أفغانستان يعتبر ضروريًا لتنفيذ مشروع “الحزام والطريق” في هذه المنطقة الحيوية.
في هذا السياق، تشير المصادر الحكومية إلى أن الصين تلعب دورًا مهمًا في الوساطة بين طالبان وباكستان وأطراف أخرى لضمان استقرار حكم طالبان في أفغانستان، وتسعى أيضًا لتخفيف الضغوط الاقتصادية عن طالبان من خلال تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.